المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السُّحُور (من دروس رمضان وأحكام الصيام)


عاشق الغاليه
04-01-2024, 02:55 PM
السُّحُور (من دروس رمضان وأحكام الصيام)

شارك وانشر
السُّحُور
(من دروس رمضان وأحكام الصيام)
للأئمة والدعاة

الحمد لله ولي التوفيق، ومهدي من استهداه لأقوم الطريق، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ، سيد الداعين وإمام الهادين، ورضي الله عن أصحابه الغرِّ الميامين، وبعد...


فإننا سنعيش في هذا اللقاء، ولمدة ثمانية لقاءات، مع النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان، وكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي يومه من سحوره مروراً بصلاة الفجر وصلاة الضحى والصلوات الخمس والمحافظة على النوافل وذكر الله، وقراءة القرآن إلى تناول الفطور والدعاء عنده، وختاماً بصلاة التراويح ثم السمر والحديث مع الأهل.

ويأتي اللقاء الأول مع النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان، والحديث عن السحور، حيث كان يبدأ يومه في رمضان بحرصه على تناول وجبة السحور، حيث رغب فيها، فكما جاء عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: [السَّحُورُ أَكْلُهُ بَرَكَةٌ، فَلَا تَدَعُوهُ، وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جُرْعَةً مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ][1].

وسمَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم السحورَ غذاءً مباركًا، يقول عِرْبَاضُ بْنُ سَارِيَة، دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى السَّحُورِ فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ: «هَلُمَّ إِلَى هَذَا الْغِذَاءِ الْمُبَارَكِ»[2].

كما أن السحور بركة أعطانا الله إياها، فعن عَبْدِ الله بْنِ الْحَارِثِ، يُحَدِّثُ عَنْ رَجُلٍ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَتَسَحَّرُ، فَقَالَ: «إِنَّهَا بَرَكَةٌ أَعْطَاكُمُ اللَّهُ إِيَّاهَا فَلَا تَدَعُوهُ»[3].

وقفة!!!

لك أن تتخيل وأنت تجلس على الطعام، ونويت به أن يقويك على الصيام، ففي طعامك بركة، ولو كان قليلاً، ثم أزيدك من الشعر بيتاً، أن الله وملائكته يصلون عليك وأنت تتسحر.. ما هذا النعيم من رب العالمين!!... فهل بعد تلك الأُجور.. تترك السَّحُور؟!

بَيْنَ السحور والفجر:

لقد نقل لنا صحابة رسول الله رضي الله عنهم المدة بين سحوره وصلاة الفجر، كما دار في هذا الحديث الذي جاء فيه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ: «تَسَحَّرَا فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ سَحُورِهِمَا، قَامَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الصَّلاَةِ، فَصَلَّى»، قُلْنَا لِأَنَسٍ: كَمْ كَانَ بَيْنَ فَرَاغِهِمَا مِنْ سَحُورِهِمَا وَدُخُولِهِمَا فِي الصَّلاَةِ؟ قَالَ: «قَدْرُ مَا يَقْرَأُ الرَّجُلُ خَمْسِينَ آيَةً»[4].



إِنَّ مما نقله الصحابة رضي الله عنهم أنَّ بين سحوره صلى الله عليه وسلم وبين صلاة الفجر قدر قراءة خمسين آية من القرآن الكريم، أي ما يعادل: (عشر دقائق)، ويستفاد من الحديث استحباب تأخير السحور، وليس معناه أن الصائم يُمسك عن الطعام قبل الأذان بعشر دقائق، لكن له أن يأكل حتى يؤذن للفجر.



يقول الإمام النووي-رحمه الله-: [ اتفق أصحابنا وغيرهم من العلماء على أن السحور سنة، وأن تأخيره أفضل، وعلى أن تعجيل الفطر سنة بعد تحقق غروب الشمس، ودليل ذلك كله الأحاديث الصحيحة، ولأن فيهما إعانة على الصوم، ولأن فيهما مخالفة للكفار ][5].

ويؤكده أيضاً ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا أَخَّرُوا السَّحُورَ، وَعَجَّلُوا الْفِطْرَ ][6].



وكان للفجر أذانان الأول لبلال، والثاني لابن مكتوم-رضي الله عنهما-، فعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-، أَنَّ بِلاَلًا كَانَ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ لاَ يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الفَجْرُ»[7]، وليُمسك عن الطعام بمجرد الأذان؛ لأنه لا يجوز تأخير السحور إلى وقت الأذان أو بعده.



وقد بَيَّنَ لنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن السحور هو الفصل بيننا وبين أهل الكتاب، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ، أَكْلَةُ السَّحَرِ»[8].



فاحرص أخي الصائم على تناول السحور، واستحضر النية في سحورك، حتى يُصلي عليك ربك وتُصلي عليك ملائكته، ويكون عليك بركة من الله، واستن بسنة رسول الله، ففيها الخير والنجاة.



وصيَّة عملية:

لا تنس أن تترك وقتًا بين السحور وصلاة الفجر؛ لتقوم فتتوضأ وتصلي ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر، فهذا وقت السحر، وهو أفضل أوقات قيام الليل، ومناجاة رب العالمين.


♦♦♦



السؤال الثاني: من هُنَّ زوجات النبي صلى الله عليه وسلم؟

الجواب: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بإحدى عشرة امرأة، وهن على الترتيب:

1- خديجة بنت خويلد، 2- سودة بنت زمعة، 3- عائشة بنت أبي بكر الصديق، 4-زينب بنت جحش، 5-حفصة بنت عمر، 6- أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان، 7- أم سلمة هند بنت أبي أمية، 8- جويرية بنت الحارث، 9- صفية بنت حيي بن أخطب، 10-ميمونة بنت الحارث، 11- زينب بنت خزيمة. فهؤلاء بنى بهن، وتوفيت منهن اثنتان: [خديجة بنت خويلد، زينب بنت خزيمة ] فيكون قدمات عن تسع.



وعقد على اثنتين ولم يدخل بهما: أسماء بنت النعمان الكندية، وعمرة بنت زيد الكلابية.. وأما ملك اليمين: مارية القبطية، ريحانة بنت زيد القرظية.
♦♦♦
خاطرة ( بعد الفجر ):آداب الطعام:

على المسلم أن يقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أراد أن يفعل، فإذا أراد أن يصوم فليتعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف كان يصوم، وإذا أراد أن يطعم فليطالع حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف كان يأكل، فأسوتنا وقدوتنا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحديث هنا عن آداب الطعام، هي كالآتي:

1- النية الصالحة:

ينبغي لكل من طلب الطعام، أو وُضع أمامه الطعام، أن ينوي لماذا أنا آكل؟ حتى يكون طعامه في ميزان حسناته، وهذا الأدب-استحضار النية-مطلوب قبل أي عمل.



2- أكل الحلال:

وهذه وصية الله عز وجل لأنبيائه ورسله*، فقال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [المؤمنون: 51].

ووصيته للمؤمنين، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [البقرة: 172].

فاعلم أيها المؤمن أن من الواجب عليك أن تتحرى الحلال في مطعمك ومشربك وملبسك، وفي كل أمور حياتك، وشتى تحركاتك، ومختلف اتجاهاتك، فربك طيب لا يقبل الطيب.



3- تجنب الأكل في أواني الذهب والفضة:

إن ديننا حرم علينا سبل الإسراف والتبذير، واستعمال أواني الذهب والفضة في الطعام يعد من قبيل الإسراف، غير أننا نُهينا عن الأكل والشرب فيها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَلْبَسُوا الحَرِيرَ وَلاَ الدِّيبَاجَ، وَلاَ تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَلاَ تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَنَا فِي الآخِرَةِ»[9].

4- أَجِب الدعوة:

فمن حق المسلم على أخيه المسلم أن يجيب الدعوة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ» قِيلَ: مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللهِ؟، قَالَ: «إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللهَ فَسَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ

وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ»[10].

5- عدم الإسراف:

فإن الله سبحانه وتعالى نهانا عن الإسراف في الطعام والشراب، فقال ربنا: ﴿ وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31].



والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، حَسْبُ الْآدَمِيِّ، لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ غَلَبَتِ الْآدَمِيَّ نَفْسُهُ، فَثُلُثٌ لِلطَّعَامِ، وَثُلُثٌ لِلشَّرَابِ، وَثُلُثٌ لِلنَّفَسِ»[11].

وقال سول الله صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ»[12].



6- الاجتماع على الطعام:

فديننا يعلمنا الجماعة حتى في الطعام، وهذا لا شك يجلب البركة لأصحابها، فقد جاء أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَأْكُلُ وَلَا نَشْبَعُ، قَالَ: «فَلَعَلَّكُمْ تَفْتَرِقُونَ؟» قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ»[13].



7- اغسل يدك قبل الأكل وبعده:

وفي هذا دلالة كبيرة على الاهتمام بصحة الإنسان، بأن يغسل يديه قبل الأكل وبعد أن يفرغ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: قَرَأْتُ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ بَرَكَةَ الطَّعَامِ الْوُضُوءُ قَبْلَهُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «بَرَكَةُ الطَّعَامِ الْوُضُوءُ قَبْلَهُ، وَالْوُضُوءُ بَعْدَهُ»[14].



8- المؤمن لا يعيب طعاماً:

على المسلم أن يقتد برسول الله صلى الله عليه وسلم في ألا يعيب الطعام، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «مَا عَابَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم طَعَامًا قَطُّ، كَانَ إِذَا اشْتَهَى شَيْئًا أَكَلَهُ، وَإِنْ كَرِهَهُ تَرَكَهُ»[15].



9- سَمِّ الله وكل بيمينك:

من السنة قبل كل فعل، أن تبدأ ببسم الله، فهي البركة، وكل عمل لا يبدأ فيه بالبسملة، فهو مبتور ومقطوع، فسَمِّ الله قبل الطعام، وقل: ( بسم الله )، ولا تخالف في ذلك، فتقول: ( بسم الله الرحمن الرحيم )، فقد أمرنا أن نتبع ونهينا أن نبتدع، فالزم السنة، فإذا نسيَ أن يُسمَّيَ في أوله، جاز له أن يُسمي متى تذكَّر، فقد جاء عَنْ عَائِشَةَ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَوَّلِهِ فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ»[16].

جاء عن عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ، يَقُولُ: كُنْتُ غُلاَمًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي

الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا غُلاَمُ، سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ»[17].



وليحذر مخالفة السنة، فقد يأتي البعض-على سبيل المثال-، وفي إحدى يديه كوب الشرب، وفي الأخرى بسكويت أو قطعة من الكيك، فيأكل باليمين، ثم يرفع الشرب بالشمال، هو مخالف للسنة، فالسنة أن تأكل باليمين ثم تشرب باليمين، وقد يفعل من يزعمون الإتيكيت، فيمسك الملعقة بشماله والسكين أو الشوكة بيمينه، فيقطع اللحم باليمين، ويرفع اللقمة بشماله، كل هذه مخالفات، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على رجل تكبر عنده على الأكل باليمين، جاء عن سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، أَنَّ رَجُلًا أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِشِمَالِهِ، فَقَالَ: «كُلْ بِيَمِينِكَ»، قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ، قَالَ: «لَا اسْتَطَعْتَ»، مَا مَنَعَهُ إِلَّا الْكِبْرُ، قَالَ: فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ[18].



10- الأكل من جوانب الصحفة:

فما أجمل السنة النبوية، ومنها أن الإنسان إذا أكل فليأكل من الجوانب ولا يأكل من حافة الصحفة أو جانبها، فكما سبق في حديث عمر بن سلمة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه أن يأكل مما يليه، ويؤكد ذلك ما جاء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ: «كُلُوا فِي الْقَصْعَةِ مِنْ جَوَانِبِهَا، وَلا تَأْكُلُوا مِنْ وَسَطِهَا، فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ فِي وَسَطِهَا»[19].



11- التقط الطعام الساقط على الأرض:

لقد حرص ديننا أن نحافظ على كل شيء، حتى ما يسقط من الإنسان عند الطعام، فليأخذه ولا يتركه ما استطاع إلى ذلك، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا وَقَعَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَأْخُذْهَا، فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى وَلْيَأْكُلْهَا، وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ، وَلَا يَمْسَحْ يَدَهُ بِالْمِنْدِيلِ حَتَّى يَلْعَقَ أَصَابِعَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي فِي أَيِّ طَعَامِهِ الْبَرَكَةُ»[20].



12- أطعم زوجتك:

إنه الحنان النبوي، والذوق الإسلامي، أن يضع الزوج زوجته بيده، فإن فعل فله بذلك أجر، وكتبت له صدقة، فمما أوصى به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سعدَ بن أبي وقاص رضي الله عنه قائلاً: «...وَإِنَّكَ مَهْمَا أَنْفَقْتَ مِنْ نَفَقَةٍ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ، حَتَّى اللُّقْمَةُ الَّتِي تَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِكَ...»[21].



13- ماذا تفعل لو وقع الذباب؟

عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ، فَإِنَّ فِي إِحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاءً وَالأُخْرَى شِفَاءً»[22].



14- احْمَد الله بعد الطعام:

فالحمد لله بعد الاستيقاظ، والحمد له بعد الطعام، والحمد له بعد الشراب، والحمد له بعد اللباس، والحمد في كل حال، والأدعية بعد الطعام، متنوعة ومتعددة، أذكر بعضها، وخذ منها ما شئت:

عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ أَكَلَ طَعَامًا ثُمَّ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا الطَّعَامَ، وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ»[23].



عَنْ أَبِي أُمَامَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ - وَقَالَ مَرَّةً: إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ - قَالَ: «الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَفَانَا وَأَرْوَانَا، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلاَ مَكْفُورٍ» وَقَالَ مَرَّةً: «الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّنَا، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلاَ مُوَدَّعٍ وَلاَ مُسْتَغْنًى، رَبَّنَا»[24].



عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا رُفِعَتِ المَائِدَةُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ يَقُولُ: «الحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ غَيْرَ مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبُّنَا»[25].



عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أن رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:"إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ، وَأَطْعِمْنَا خَيْرًا مِنْهُ،..."[26].



عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ رَجُلٌ خَدَمَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَمَانِ سِنِينَ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِذَا قُرِّبَ إِلَيْهِ طَعَامُهُ يَقُولُ: "بِسْمِ اللهِ"، وَإِذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ قَالَ: "اللهُمَّ أَطْعَمْتَ وَأَسْقَيْتَ، وَأَغْنَيْتَ وَأَقْنَيْتَ، وَهَدَيْتَ وَأَحْيَيْتَ، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا أَعْطَيْتَ"[27].



عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا، وَسَقَانَا، وَجَعَلَنَا مُسْلِمِينَ»[28].



15- اُدْع لصاحب الطعام:

فمن باب شكر الآخرين، فقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنك إذا طعمت عند أحد من الناس، فادع له بالخير والبركة، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَاءَ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَجَاءَ بِخُبْزٍ وَزَيْتٍ، فَأَكَلَ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ، وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الْأَبْرَارُ، وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الْمَلَائِكَةُ»[29].



16- اجتنب الثوم والبصل قبل الصلاة:

لا مانع شرعاً من أكل البصل والثوم بوجه العموم، لكن احذرهما إذا أردت الصلاة، فإذا كان وقت الصلاة قريبًا، فلا تأكلهما، أو إذا أكلت أحدهما، وجب عليك أن تُذهب أثرهما، حتى لا تؤذي الآخرين برائحة فمك، ولا تتأذى منك الملائكة، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا فَلْيَعْتَزِلْنَا، أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا، وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ»[30].

دخلت أحد المساجد، فرأيت رجلاً يقف منفردًا في مؤخرة المسجد، وترك الصفوف المتقدمة، فلما فرغنا من الصلاة، سلمت عليه وسألته: لمَ لمْ تُصلِّ بجوارنا في الصفوف؟ فأجابني: لأنني أكلت البصل قبل الصلاة، فالذي دفعه للمخالفة وترك الصفوف، هو أنه خالف فأكل المحذور، دعني أقول: إن كنت حريصًا على عدم أذى الناس، فقد آذيت الملائكة، فهي تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم.



17- لا تنم بعد الأكل مباشرة:

فتلك ظاهرةٌ غير صحيةٍ، وهي أن يتعمد البعض أن ينام بعد الأكل مباشرة، وهذا يضر بجسم الإنسان، وقد حذَّر الأطباء من ذلك، بل أشار إليه قبلهم، طبيبُ القلوب صلى الله عليه وسلم حيث جاء عَنْ السيدة عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَذِيبُوا طَعَامَكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ، وَلَا تَنَامُوا عَلَيْهِ فَتَقْسُوَا قُلُوبُكُمْ»[31].

♦♦♦



درس الفقه:

أنواع الصيام: الصوم أنواع: واجب، وحرام، ومكروه، وتطوع[32]:

نتعرف أولاً على الأحكام التكليفية والتي تَنقسِم إلى خمسة أقسام، وهي: الواجب، الحرام، المُباح، المندوب، والمكروه"، قال صاحب نظم الورقات[33]:

والواجب المحكوم بالثوابِ
في فعله، والترك بالعقابِ
والندب ما في فعله الثوابُ
ولم يكن في تركه عقابُ
وليس في المُباح من ثوابِ
فعلاً وتَركًا بل ولا عِقابِ
وضابطُ المَكروه عكسُ ما نُدب
كذلك الحرام عَكسُ ما يَجبِ
النوع الأول: الصوم الواجب:

تعريف الواجب: هو ما يثاب فاعله ويعاقب تاركه.



والصيام الواجب، ثلاثة أقسام:

الأول: ما يجب للزمان نفسه وهو صوم شهر رمضان.

الثاني: ما يجب لعلة وهو صيام الكفارات، ومثاله: [ كفارة اليمين-صيام ثلاثة أيام-، كفارة الظهار، القتل الخطأ، الجماع في نهار رمضان].

الثالث: ما يجب بإيجاب الإنسان ذلك على نفسه، وهو صيام النذر.



النوع الثاني: الصوم الحرام:

تعريف الحرام: هو ما يُثاب تاركه امتثالاً، ويَستحِقُّ العقابَ فاعلُه.

عند الجمهور أو المكروه تحريماً عند الحنفية: وأنواع الصوم الحرام هي:

أولاً: صيام المرأة نفلاً بغير إذن زوجها وهو حاضر:

إلا إذا لم يكن محتاجاً لها كأن كان غائباً أو محرماً بحج أو عمرة أو معتكفاً، لما جاء عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَصُومُ المَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ»[34]، ولأن حق الزوج فرضٌ، لا يجوز تركه لنفل، فلو صامت بغير إذنه صح، وإن كان حراماً كالصلاة في دار مغصوبة، وللزوج أن يفطرها، لقيام حقه واحتياجه، وهذا الصوم مكروه تنزيهاً عند الحنفية.



ثانياً: صوم يوم الشك:

وهو يوم الثلاثين من شعبان إذا تردد الناس في كونه من رمضان، واختلفوا في حكمه، مع اتفاقهم على

عدم الكراهة وإباحة صومه إن صادف عادة للمسلم بصوم تطوع كيوم.

يقول عمار بن ياسر رضي الله عنه: «من صام يوم الشك، قد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم »[35]، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تُقَدِّمُوا صَوْمَ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ، وَلَا يَوْمَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَوْمٌ يَصُومُهُ رَجُلٌ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الصَّوْمَ»[36].



والخلاصة في حكم يوم الشك أنه: "مكروه عند الجمهور، ورأى أكثرهم إن صامه وكان من شهر رمضان، أن يقضي يوماً مكانه، فإن صامه لموافقته عادة له جاز الصيام حينئذ بدون كراهة، والعمل على هذا عند أهل العلم"[37].



ثالثاً: صيام يومي العيدين وأيام التشريق[38]:

وهذا اتفاق بين العلماء على تحريم صيام يوم عيد الفطر وعيد الأضحى، ويُضاف إليها أيام التشريق الثلاثة-اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة-أي الثلاثة أيام التي تلي عيد الأضحى، فعَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: شَهِدْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ بَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الخُطْبَةِ، ثُمَّ قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنْ صَوْمِ هَذَيْنِ اليَوْمَيْنِ، أَمَّا يَوْمُ الفِطْرِ فَفِطْرُكُمْ مِنْ صَوْمِكُمْ وَعِيدٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّا يَوْمُ الأَضْحَى فَكُلُوا مِنْ لُحُومِ نُسُكِكُمْ»[39].



فهذا نص صريح صحيح في تحريم صيام العيدين، أما ما جاء في تحريم صيام أيام التشريق، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ عَبْدَ اللهِ بْنَ حُذَافَةَ يَطُوفُ فِي مِنًى «أَنْ لَا تَصُومُوا هَذِهِ الْأَيَّامَ، فَإِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ»[40]، "وأجاز أصحاب الشافعي صيام أيام التشريق، فيما له سبب، من نذر أو كفارة أو قضاء، أما ما لا سبب له، فلا يجوز فيها بلا خلاف"[41].



وعليه: يحرم صيام التطوع يوم عيد الفطر-أما اليوم الثاني لعيد الفطر فيجوز-، ويوم عيد الأضحى والأيام الثلاثة التي تليها، أما ما له سبب فجائز الصيام في أيام التشريق وليس في يومي العيدين.



رابعاً: صيام الحائض والنفساء:

لا يصح صيام الحائض أو النفساء، وإن صامت إحداهما فصيامها غير صحيح، وعليها قضاء ما صامته.

والله أعلم

المهره♕
04-01-2024, 10:48 PM
جزآك الله خيرا
بآرك الله فيك على الطَرح القيم
وَ جعله في ميزآن حسناتك ..

الراقية ♔
04-03-2024, 07:10 AM
جزاك الله كل خير
وبارك الله فيك

نورة
04-03-2024, 10:15 AM
سلمت الايادي على الموضوع الراقي

استمتع بما قرأت

اختيارك للمواضيع دائما جميل

وجذاب للاعضاء ، وعطاءك مميز

دمت بكل خير
https://l.top4top.io/p_30125ehk91.gif
*
*
*

الأمير
04-03-2024, 11:50 AM
.
.
.
.
أَسْعَدَ اللهُ أَوََقَاتُكُمْ بِكُلُّ خَيْرٍ..
دَائِمَا تَبْهَرُونَا بَمَوٍآضيعكم
الَّتِي تَفُوٍح مِنْهَا عِطْرَ الْإِبْدَاعِ وَالتَّمَيُّزِ ،
لَكَم الشُّكْرُ مِنْ كُلُّ قَلْبِيٍّ .
http://media.tumblr.com/tumblr_m2t0tlS78c1qbs47q.gif