الحامل والمرضع إذا أفطرتا قضتا الصوم فقط
قالَ الْمُصَنِّفُ –رَحِمَهُ اللهُ-: "وَإِنْ أَفْطَرَتْ حَامِلٌ أَوْ مُرْضِعٌ خَوْفًا عَلَى أَنْفُسِهِمَا قَضَتاهُ فَقَطْ، وَعَلَى وَلَدَيْهِمَا قَضَتاهُ وَأَطْعَمَتَا عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكينًا".
الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ لَهُمَاثَلَاثُ أَحْوالٍ: الْحَالُ الْأُولَى: أَنْ تَخافَ الْحَامِلُ أَوِ الْمُرْضِعُ الضَّرَرَ عَلَى نَفْسِهَا مِنَ الصَّوْمِ، فَيُباحُ لَهَا الْفِطْرُ بِلَا خِلافٍ؛ قِياسًا عَلَى الْمَريضِ إِذَا خافَ عَلَى نَفْسِهِ. وَأَمَّا مَا يَلْزَمُهُمَا: فَهُوَ الْقَضاءُ دونَ الْفِدْيَةِ؛ إِلْحَاقًا لَهُمَا بِالْمَريضِ. وَهَذَا قَوْلُ جُمْهورِ أَهْلِ الْعِلْمِ، بَلْ نَقَلَ الْإِجْماعَ عَلَى هَذَا: الْقاضِي عِياضٌ، وَابْنُ قُدامَةَ، وَالنَّوَوِيُّ، وَالزُّرْقانِيُّ[1]. الْحَالُ الثَّانِيَةُ: إِذَا خافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا دونَ نَفْسَيْهِمَا، فَيُباحُ لَهُمَا الْفِطْرُ. وَأَمَّا مَا يَلْزَمُهُمَا: فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَماءُ عَلَى أَقْوالٍ؛ مِنْهَا: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْقَضاءُ وَالْإِطْعامُ؛ لِأَنَّ فِطْرَهُمَا لِمَصْلَحَةِ غَيْرِهِمَا لَا لِمَصْلَحَتِهِمَا. وَهَذَا الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنابِلَةِ، وَهُوَ الصَّحيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ[2]. قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ –رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-: «كَانَتْ رُخْصَةً لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ، وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ، وَهُمَا يُطِيقَانِ الصِّيَامَ أَنْ يُفْطِرَا، وَيُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، وَالْحُبْلَى وَالْمُرْضِعُ إِذَا خَافَتَا»[3]، قال أَبُو دَاوُدَ: "يَعْنِي: عَلَى أَوْلَادِهِمَا أَفْطَرَتَا وَأَطْعَمَتَا". الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْقَضاءُ دونَ الْإِطْعامِ. وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ[4]. وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ -وَاللهُ أَعْلَمُ-: الْقَوْلُ الثَّانِي، وَهُوَ: الْقَضاءُ دونَ الْإِطْعامِ، وَأَمَّا إِيجابُ الْإِطْعامِ فَهُوَ مُخالِفٌ لِظاهِرِ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يُوجِبْ عَلَى الْمَريضِ إِلَّا عِدَّةً مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، وَلَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَهُمَا فِي حُكْمِ الْمَريضِ. إِذًا: فَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْحُبْلَى وَالْمُرْضِعَ إِذَا أَفْطَرَتَا خَوْفًا عَلَى أَنْفُسِهِمَا لَهُمَا حُكْمٌ، وَإِذَا أَفْطَرَتَا خَوْفًا عَلَى وَلَدَيْهِمَا لَهُمَا حُكْمٌ آخَرُ، فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ مَا ذَكَرْنَا. الْحَالُ الثَّالِثَةُ: إِذَا خافَتِ الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ عَلَى نَفْسَيْهِمَا وَوَلَدَيْهِمَا؛ فَيَجوزُ لَهُمَا الْإِفْطارُ. وَفِيمَا يَلْزَمُهُمَا خِلافٌ بَيْنَ الْعُلَماءِ عَلَى قَوْلَيْنِ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ عَلَيْهِمَا الْقَضاءَ فَقَطْ. وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْحَنابِلَةِ، وَالْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ[5]. الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ عَلَيْهِمَا الْفِدْيَةَ فَقَطْ دونَ الْقَضاءِ. وَهَذَا مَذْهَبُ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وَغَيْرِهِمْ؛ حَيْثُ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ[6]، وَابْنِ عُمَرَ[7]، وَسَعيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَقَتادَةَ[8]. مَسْأَلَةٌ: الْإِطْعامُ الْواجِبُ هُنَا: كَالْإِطْعامِ الْواجِبِ عَلَى الْمَريضِ مَرَضًا لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ، أَوِ الشَّيْخِ الْكَبيرِ الَّذِي لَا يَسْتَطيعُ الصَّوْمَ لِكَبَرِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَالْمَشْهورُ مِنَ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْإِطْعامَ عَلَى مَنْ يُمَوِّنُ الرَّضيعَ[9]، وَعِبارَةُ الْمُؤَلِّفِ –رَحِمَهُ اللهُ- تُوهِمُ أَنَّ الْإِطْعامَ عَلَيْهَا نَفْسِهَا، وَالشَّارِحُ حَذَفَ هَذَا الْإِيهَامَ. وَهَذَا قَدْ قالَ بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَهُ ما يُؤَيِّدُهُ مِنْ أَدِلَّةٍ نَظَرِيَّةٍ صَحيحَةٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُنْفِقَ عَلَى الْوَلَدِ أَصَالَةً هُوَ وَلِيُّهُ، وَمِنْ ثَمَّ يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَكَفَّلَ بِالْإِطْعامِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ النَّفَقَةَ مُتَعَيِّنَةٌ عَلَيْهِ، فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَقومَ بِهَا، وَاللهُ أَعْلَمُ. |
جزاك الله كل خير
ع الطرح القييم لاحرمك الاجر والثواب /* |
|
جزاك الله خير
|
.
. . . أَسْعَدَ اللهُ أَوََقَاتُكُمْ بِكُلُّ خَيْرٍ.. دَائِمَا تَبْهَرُونَا بَمَوٍآضيعكم الَّتِي تَفُوٍح مِنْهَا عِطْرَ الْإِبْدَاعِ وَالتَّمَيُّزِ ، لَكَم الشُّكْرُ مِنْ كُلُّ قَلْبِيٍّ . http://media.tumblr.com/tumblr_m2t0tlS78c1qbs47q.gif |
الساعة الآن 11:08 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
هذا الموقع يتسخدم منتجات Weblanca.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
Developed By Marco Mamdouh
new notificatio by 9adq_ala7sas