عرض مشاركة واحدة
a
#1  
قديم 04-13-2024, 11:04 AM
انشودة المطر غير متواجد حالياً
أوسـمـتـي
 
 عضويتي » 139
 اشراقتي ♡ » Apr 2024
 كُنت هنا » 04-15-2024 (08:03 PM)
موآضيعي »
آبدآعاتي » 219
 تقييمآتي » 130
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 حالتي الآن »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
مُتنفسي هنا » مُتنفسي هنا
 التقييم » انشودة المطر will become famous soon enoughانشودة المطر will become famous soon enough
مَزآجِي  »
 آوسِمتي »
 
محبة القلب وعبوديته





قال ابن تيمية رحمه الله:
كلما ازْدَادَ الْقلب حباً لله ازْدَادَ لَهُ عبودية، وَكلما ازْدَادَ لَهُ عبودية ازْدَادَ لَهُ حباً وفضَّله عَمَّا سواهُ.
وَالْقلب فَقير بِالذَّاتِ إِلَى الله من وَجْهَيْن: من جِهَة الْعِبَادَة وَهِي الْعلَّة الغائية، وَمن جِهَة الِاسْتِعَانَة والتوكل وَهِي الْعلَّة الفاعلة.
فالقلب لَا يَصلح وَلَا يُفلح وَلَا يَنعم وَلَا يُسر وَلَا يَلتذ وَلَا يَطيب وَلَا يَسكن وَلَا يَطمئن إِلَّا بِعبَادة ربه وحبّه والإنابة إِلَيْهِ، وَلَو حصل لَهُ كل مَا يلتذ بِهِ من الْمَخْلُوقَات لم يطمئن وَلم يَسكن؛ إِذْ فِيهِ فقر ذاتي إِلَى ربه من حَيْثُ هُوَ معبوده ومحبوبه ومطلوبه، وَبِذَلِك يحصل لَهُ الْفَرح وَالسُّرُور واللذة وَالنعْمَة والسكون والطمأنينة.
وَهَذَا لَا يحصل لَهُ إِلَّا باعانة الله لَهُ؛ فَإِنَّهُ لَا يَقدر على تَحْصِيل ذَلِك لَهُ إِلَّا الله، فَهُوَ دَائِماً مفتقر إِلَى حَقِيقَة {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة: 5] فَإِنَّهُ لَو أُعين على حُصُوله كل مَا يُحِبه ويطلبه ويشتهيه ويريده، وَلم يحصل لَهُ عبَادَةُ لله فَلَنْ يَحصل إِلَّا على الْأَلَم وَالْحَسْرَة وَالْعَذَاب! وَلنْ يَخلص من آلام الدُّنْيَا ونكد عيشها إِلَّا بإخلاص الْحبّ لله، بِحَيْثُ يكون الله هُوَ غَايَة مُرَاده، وَنِهَايَة مَقْصُوده، وَهُوَ المحبوب لَهُ بِالْقَصْدِ الأول، وكل مَا سواهُ إِنَّمَا يُحِبهُ لأَجله، لَا يحِب شَيْئا لذاته إِلَّا الله، وَمَتى لم يحصل لَهُ هَذَا لم يكن قد حقّق حَقِيقَة (لَا إِلَه إِلَّا الله)، وَلَا حقّق التَّوْحِيد والعبودية والمحبة لله، وَكَانَ فِيهِ من نقص التَّوْحِيد وَالْإِيمَان، بل من الْأَلَم وَالْحَسْرَة وَالْعَذَاب بِحَسب ذَلِك.
وَلَو سعى فِي هَذَا الْمَطْلُوب وَلم يكن مستعيناً بِاللَّه متوكلاً عَلَيْهِ مفتقراً إِلَيْهِ فِي حُصُوله لم يَحصل لَهُ؛ فَإِنَّهُ مَا شَاءَ الله كَانَ وَمَا لم يَشَأْ لم يكن، فَهُوَ مفتقر إِلَى الله من حَيْثُ هُوَ الْمَطْلُوب المحبوب المُرَاد المعبود، وَمن حَيْثُ هُوَ الْمَسْئُول الْمُسْتَعَان بِهِ المتَوَكل عَلَيْهِ، فَهُوَ إلهه الَّذِي لَا إِلَه لَهُ غَيره، وَهُوَ ربه الَّذِي لَا رب لَهُ سواهُ.
وَلَا تتمّ عبوديتُه لله إِلَّا بِهَذَيْنِ، فَمَتَى كَانَ يحب غيرَ الله لذاته، أَو يلْتَفت إِلَى غير الله أَنه يُعينهُ؛ كَانَ عبداً لما أَحبه، وعبداً لما رجاه، بِحَسب حبه لَهُ ورجائه إِيَّاه، وَإِذا لم يحِب أحداً لذاته إِلَّا الله، وَأيَّ شَيْء أحبه سواهُ فَإِنَّمَا أحبه لَهُ، وَلم يَرْج قطّ شَيْئاً إِلَّا الله، وَإِذا فعل مَا فعل من الْأَسْبَاب، أَو حصّل مَا حصّل مِنْهَا؛ كَانَ مشاهداً أَن الله هُوَ الذى خلقهَا وقدّرها وسخّرها لَهُ، وَأَن كل مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض فَالله ربه ومليكه، وخالقُه ومسخِّره، وَهُوَ مفتقر إِلَيْهِ؛ كَانَ قد حصَل لَهُ من تَمام عبوديته لله بِحَسب مَا قسم لَهُ من ذَلِك" انتهى.
["العبودية" لابن تيمية (ص: 97)].

الموضوع الأصلي: محبة القلب وعبوديته || الكاتب: انشودة المطر || المصدر: منتدى امسيات










رد مع اقتباس