الموضوع: عودة مهاجر!
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 04-21-2024, 10:14 PM
أفراح حمود أبو عريج غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 223
 تاريخ التسجيل : Apr 2024
 فترة الأقامة : 32 يوم
 أخر زيارة : 04-21-2024 (10:20 PM)
 المشاركات : 207 [ + ]
 التقييم : 110
 معدل التقييم : أفراح حمود أبو عريج will become famous soon enoughأفراح حمود أبو عريج will become famous soon enough
بيانات اضافيه [ + ]

أوسـمـتـي

1 عودة مهاجر!





متلفع بمعطف من ريح .. من جديد يدلف بوابة الصقيع .. بيدين عاريتين إلا من ندب الزمن المرير الذي مر عليه ثقيلاً .. بطيئاً.. عاد مشتاقاً لشجرة زيتون كانت ذات ربيع .. مخضرة !

جيب معطفه الذي يضم وريقات كتب عليها :


( آه أيها المسروق من بين أنامل العمر.. أيها المنبثق من أعماقي شلالات أنين ..)


ما تزال هذه الكلمات تنخر في عظامه التي باتت مأوى للهشاشة .. و حين عاد لم يكن يملك سوى معطفه الذي بلله الوجع ،وحقيبة فارغة إلا من بعض مذكرات سني عمره المندثر في بلاد ديدنها الصقيع ، وعلبة سجائر ينفث سمومها في صدره كلما أحس بوخز الضمير ..


وما تزال كلماتها تسكن معطف ذاكرته :

( أيها الحبيب .. من سواك كان قادراً على ملئ قلبي بالأمنيات الخضر ، من غيرك يحتوي كل جذور الحزن النابت في صدري ، كشجرة شوك متشعبة الأغصان متلونة بكل ألوان الوحشة فيحيلها كأوراق الورد عذوبة ورقة !! )


تحرقه أوجاعه ويأخذه الهذيان كل مأخذ ليبقى مخاطباً إياها شاكياً إليها كل ما مر به بعيداً عنها ولسان حاله يهذي :

منذ رحيلي عنك لم تعد الحياة إلا كمركب يسير بي نحو سراب لا يُعرف له حدود ، أو نحو غيمة مضرجة بالأسى ، فصارت الروح مندثرة الأشلاء على مفترق الطرق و الحواجز المترامية الأطراف ..


صوب نظره نحو الأفق كان الوقت غروباً وقد بدأ الشفق يلون أطراف السماء ، ترقرقت عيناه بالدموع كاعتذار نازف يفيض به القلب ، خارت قواه فتهاوى جسده على رصيف معدم إلا من غبار الأيام ، بدا شاحب الوجه كمن يحتضر و تسلل الهذيان إلى لسانه :


لم يعد لي منك سوى وريقات كنت أرتبها على طاولة القلب عندما يهزني الحنين إليك مع كل مساء .. أنصت إلى تراتيل الألق لتحكي لي عنك .. فبعد أن خلتني قد نسيتك ، وغسلتك من أعماقي في نهر النسيان تبين لي أني لا أملك غيرك يسكن خلجات الروح.. والآن هاأنا لا أحمل سواك .. جواز سفر.. حقيبة مثقلة بالذكريات .. الكثير من الأوقات العصيبة .. ليتني أستطيع إعادة ما انفلت من عقد أيامي لأعود أدراجي وأغدو من جديد بقربك ..


أغمض عينيه على لون الأفق المحمر كوجه عاشق خجول ، أراد أن يحتفظ بتلك الصورة الرائعة ، لم يدرِ ساعتها أنه سيحتفظ بها إلى الأبد و أن هذه هي إغماضته الأخيرة ، تراخى جسده النحيل و صافحت شفتاه اليابستان ذرات الغبار النابتة على رصيف العودة وكأنما يقبلها لأخر مرة ، تدحرج القلم من يده ليستقر قريباً منه ليقول هو الأخر.. حان موعد الإياب !


هل منحتم نصي المتواضع نقدكم البناء... مع الود

الموضوع الأصلي: عودة مهاجر! || الكاتب: أفراح حمود أبو عريج || المصدر: منتدى امسيات










رد مع اقتباس