الموضوع
:
قلم من عاج
عرض مشاركة واحدة
#
1
03-31-2024, 11:09 PM
أوسـمـتـي
عضويتي
»
62
جيت فيذا
»
Mar 2024
آخر حضور
»
يوم أمس (12:49 AM)
آبدآعاتي
»
167,476
حاليآ في
»
دولتي الحبيبه
»
جنسي
»
التقييم
»
ام ام اس
~
آوسِمتي
»
قلم من عاج
قلم من عاج
(قصة قصيرة مستمدة من واقعة حقيقية)
الشهر السادس يوشك أن يديرَ وجهَه كليًّا عنها، في الوقت الذي لا تَزال تعرض نفسَها - على رفوف المكتبات - من خلال طَلْعتها التي جلَّلَتها أوشحةٌ من الغبار، ووَنيم الذُّباب.
مرَّت عليها مدَّة طويلة لم تأْنَس خلالها بلمْسَة من قارئ، تُبدِّد شبُّورة العار التي جلَّلَتها أمام زميلاتها.
حتى لطخاتُ الماكياج التي تَفنَّن الرسَّام في تزويقها على غلافها الصَّقيل لم تفلِح في خِداع القارئين، الذين كانوا - زيادة على الإعراض عنها - يُحذِّرون غيرَهم من الأغرار مغبَّة اقتنائها.
أمَّا هو، فقد تهرَّأ على مكتبه العتيق، يقضم أظفارَه، ويقلب بصرًا زائغًا في كومةٍ من الأوراق يسمِّيها رواية!
كان يشد خصلات من شعره مرَّةً بعد أخرى؛ حين يتكرَّر عجزه عن إيجاد إجابات مقنِعة للفشل الذَّريع الذي منيَت به روايتُه الأخيرة.
المبرِّرات الكثيرة التي كان يسوقها لفَشل رواياته السابقة لم تَعُد مجدية.
لا يمكن أن يَفتقر إلى التجربة الأدبيَّة؛ فقد كتب عددًا لا بأس به من الرِّوايات!
لا يمكن أن يكون السبب نقص الاطِّلاع، وقد قرأ آلافَ الأعمال لأشهر الرُّوائيِّين العالميين!
الحروف والكلمات تتحوَّل بين يديه إلى عجينة طريَّة، تَستسلم لبراعة أناملِه العبقريَّة في طواعية تامَّة، وتبتسم في رضًى عن أشكال مبهِرة من العبارات الرَّائقة.. فلا يمكن أن يؤتى من قِبَل اللُّغة أو الأسلوب!
في روايته الأخيرة. أربى على ذلك كله؛ أحد عشر قلمًا قضى نحْبه، بعد أن سفك أحبارَهم إلى آخر علالة على أزْيد من أربعمائة صفحة! حلب عليها عصارةَ فِكره إلى آخر رَمق!
كانت صفحاتها تعجُّ بصراخ الثكالى، وأنَّات المعدمين، تصفر فيها رياح المساغب، وتَنبعث من طيَّاتها روائح عطنة من أكوام المزابِل التي تَفتح ذراعيها القذرتين لمخلوقات رماديَّة على مائدة من العَفن، ساقهم إليها جشَع كُتَل متصلِّبة من اللَّحم تسمَّى بشرًا!
سيول من القيح والصَّديد تنزُّ من وجوه أوراقها المَجْدورة بخروق عميقة، يتهادى من بؤرها دخانٌ ساخِن، يعبق برائحة البارود.
كان لوصف الأثواب الرثَّة، والوجوه المغبرَّة، والنظرات الذَّابلة، والبطون الضَّامرة - القدَحُ المعلَّى في الرِّواية.
غير أنَّه لم ينسَ أن يرطب هذا الجوَّ اللاهب بعلالة من حبٍّ، يَستميل بها قِطاعًا آخر من الرومانسيين الحالِمين.
كانت عصافير الأماني تزقزِق فوق رأسه المتورِّم أثناء كتابتها، فلو قُدِّر لـ"تشيخوف"، أو "تولستوي"، أو "هوجو"، أن يعيش أيٌّ منهم ضِعف عمره ما زاد على مِثل ما كتب!
رنَّات هاتفه ذكَّرَته بالموعد الذي ضرَبه مع صديقه النَّاقد الأدبي؛ ليتباحث معه أسباب الكارثة.
إنَّه أول خروج له بعد عودته من المهجر؛ حيث قضى سنوات أربع في دراسة الأدَب.
لشدَّ ما كان يتمنَّى أن يعود إلى بلده مكللًا بهالة من الشُّهرة؛ كتمثال من الذَّهب يزري بريقه بطينة أهل بلده.
انزلَق من سيارته الفخمة، وهو يسدُّ مناخره بأصبعيه؛ تأفُّفًا من ذرَّات الغبار التي أثارَتها عجلات سيارته عند ركْنها، عدَّل وضع ربطة عنقه، نفَض حلَّته بأطراف أنامله، وقلَّب في الأرجاء بصرَه من خلف نظَّارته المعتمة، باحثًا عن صاحبه.
كان اللقاء ليكون حاراً أكثر؛ لولا البرودة التي نضحت من عيني صاحبنا الروائي، وشفتيه.
نفد صبره:
• ما السبب؟.
أشار الناقد إلى مكان اللقاء.
• تفضل من هنا، لقد حجزت لنا مقعدين.
طنين الذباب، ومظهر الجالسين، والبقع المتناثرة من القهوة والشاي على الطاولات المهترئة.. كل ذلك حدَّد نوعية المقهى.
مطَّ شفتيه اشمئزازًا. ثم قال:
• لا بد من تغيير المكان.
نظر إليه صاحبه مستفهمًا.
•لا يناسبني أن أجلس في مكان من الدرجة الأخيرة! (أجابه من جانب فيه، وإحدى يديه في جيب البنطلون)!
بابتسامة باهتة، أجابه:
• قلم تشيخوف كان من دم، لا من عاج، يا أستاذ
الموضوع الأصلي:
قلم من عاج
||
الكاتب:
عاشق الغاليه
||
المصدر:
منتدى امسيات
المهره♕
معجب بهذا
المصدر:
منتدى امسيات
- من قسم:
يحكى ان
من مواضيع
ويزفر قلبي شوقا لك" ديكور حامل الشموع
قمة الاناقه
ديكور ركن قهوة بأسلوب ريفي
ليتنا لا نعتادُ شيئاً
العناكب القافزة ذات القبعات الجميلة
التصفيات الأولى من منشد الشارقة 4 ( حقي...
موضة أحمر الشفاه الأسود لإطلالة مبهرة تتسم...
مجموعة أناشيد و رسوم دينية للأطفال
Anime
برنامج شامل لتحسين النظام والحماية من...
زيارات الملف الشخصي :
296
إحصائية مشاركات »
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل : 2,940.88 يوميا
عاشق الغاليه
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى عاشق الغاليه
البحث عن كل مشاركات عاشق الغاليه