عرض مشاركة واحدة
قديم 03-29-2024, 01:21 AM   #2


الصورة الرمزية نور
نور متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 61
 تاريخ التسجيل :  Feb 2024
 أخر زيارة : اليوم (06:38 PM)
 المشاركات : 96,248 [ + ]
 التقييم :  81251
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Black

أوسـمـتـي

افتراضي نداء العبور إلى خير الشهور




أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابتَغُوا إِلَيهِ الوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا في سَبِيلِهِ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ ﴾ [المائدة: 35].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، عُودُوا إِلى الوَرَاءِ قَلِيلاً، وَاستَذكِرُوا خَالِيَ أَيَّامِكُم يَسِيرًا، لا لِعَشرِ سَنَوَاتٍ مَضَت، وَلا لِعِشرِينَ عامًا خَلَت، وَلَكِنْ عُودُوا لِرَمَضَانَ المَاضِي، وَتَذَكَّرُوا مُنذُ انصَرَمَ ذَلِكُمُ الشَّهرُ المُبَارَكُ وَانطَوَى، لم يَحُلِ الحَولُ عَلَى تِلكُمُ اللَّحَظَاتِ العَظِيمَةِ وَالسَّاعَاتِ الكَرِيمَةِ، بل لَكَأَنَّمَا هِيَ لم تَزَلْ تَمُرُّ بِنَا الآنَ، وَلَكِنْ، لِنَنظُرْ كَمِ استَجَدَّت بَعدَهَا مِن أُمُورٍ وَوَقَعَ مِن مَقدُورٍ! كَم عَزَّ مِن ذَلِيلٍ وَذَلَّ مِن عَزِيزٍ! وَكَم صَحَّ مِن سَقِيمٍ وَاعتَلَّ مِن صَحِيحٍ! بَلْ وَكَم مِمَّن كَانَ في ذَلِكَ المَوسِمِ العَظِيمِ مِلءَ سَمعِ الدُّنيَا وَبَصَرِهَا، حَضَرَهُ العِيدُ وَهُوَ بَينَ زَوجِهِ وَأَبنَائِهِ وَمُحِبِّيهِ، وَهَا هُوَ اليَومَ تَحتَ التُّرَابِ مَدفُونٌ وَحدَهُ، لا يَدرِي مَا مَرُّ الشُّهُورِ وَلا كَرُّ الأَيَّامِ، وَلا مَا رَمَضَانُ وَلا ما الصِّيَامُ، وَلا يَقدِرُ عَلَى بَذلٍ وَلا دُعَاءٍ وَلا قِيَامٍ، فَتَصَوَّرْ يَا عَبدَ اللهِ لَو أَنَّكَ كُنتَ ذَلِكَ المَقبُورَ المَهجُورَ، وَلْتَكُنْ عَلَى يَقِينٍ أَنَّكَ إِنْ لم تَكُنْهُ اليَومَ وفي هَذَا العَامِ، فَستَكُونَ إِيَّاهُ غَدًا أَو بَعدَ أَعوَامٍ.

مَضَى أَمسُكَ المَاضِي شَهِيدًا مُعَدَّلاً
وَأَعقَبَهُ يَومٌ عَلَيكَ جَدِيدُ
فَإِنْ كُنتَ بِالأَمسِ اقتَرَفَت إِسَاءَةً
فَثَنِّ بِإِحسَانٍ وَأَنتَ حَمِيدُ
فَيَومُكَ إِنْ أَعتَبتَهُ عَادَ نَفعُهُ
َلَيكَ وَمَاضِي الأَمسِ لَيسَ يَعُودُ
وَلا تُرجِ فِعلَ الخَيرِ يَومًا إِلى غَدٍ
لَعَلَّ غَدًا يَأتي وَأَنتَ فَقِيدُ


وَيَقُولُ قَائِلٌ وَيَتَسَاءَلُ مُتَسَائِلٌ: وَمَا مُنَاسَبَةُ هَذَا الحَدِيثِ وَلَمَّا يَدخُلْ شَهرُ رَمَضَانَ بَعدُ؟! وَمَا جَدوَاهُ وَقَد يَكُونُ مِنَّا مَن سَيُختَرَمُ دُونَ بُلُوغِ الشَّهرِ الكَرِيمِ؟! فَنَقُولُ: وَهَل خَسِرَ خَاسِرٌ إِلاَّ بِمِثلِ هَذَا التَّفكِيرِ؟! وَهَل أَضَاعَ مُفَرِّطٌ فُرصَتَهُ إِلاَّ بِتَكرَارِ التَّسوِيفِ وَالتَّأجِيلِ؟! يُقبِلُ شَهرُ رَمَضَانُ، وَقُلُوبُ الغَافِلِينَ في لَهوِهَا سَادِرَةٌ، وَيَقتَرِبُ أَوَانُ مُضَاعَفَةِ العَمَلِ وَالإِحسَانِ، وَنُفُوسُ المُعرِضِينَ في تَبَاطُئِهَا غَيرُ مُبَادِرَةٍ، وَيَمضِي صَدرُ الشَّهرِ الكَرِيمِ وَقَد يَذهَبُ شَطرُهُ، وَصُدُورُ المُتَشَاحِنِينَ في غَلَيَانٍ، وَكَثِيرُونَ مَا يَزَالُونَ مِن أَهلِ الحِرمَان، وَيَنقضِي مَوسِمُ الحَصَادِ وَيَجتَنِي المُشَمِّرُونَ الثِّمَارَ، وَلا يُدرِكُ آخِرَ الشَّهرِ مَن أَضَاعَ أَوَّلَهُ. وَقَد دَلَّتِ الدَّلائِلُ أَنَّ مَن أَرَادَ اللهُ بِهِ خَيرًا وَلِنَفسِهِ انبِعَاثًا لِلطَّاعَةِ، وُفِّقَ لِلتَّأَهُّبِ لِلخَيرِ مُبَكِّرًا، وَرُئِيَ لِصَالِحِ العَمَلِ مُبَادِرًا، وَمَن لم يُرِدْ لَهُ رَبُّهُ ذَلِكَ بِقَدَرِهِ، ثُبِّطَ وَزُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ فَلَو صَدَقُوا اللهَ لَكَانَ خَيرًا لَهُم ﴾ وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ ﴾ [التوبة: 46] أَلا فَيَا أُمَّةَ الإِسلامِ وَيَا مَعشَرَ أَهلِ الإِيمَانِ وَالقُرآنِ، أَرُوا اللهَ مِن أَنفُسِكُم خَيرًا مِن الآنَ، سَارِعُوا إِلى التَّوبَةِ وَعَجِّلُوا الأَوبَةَ، وَأَكمِلُوا الإِعدَادَ وَخُذُوا لِلضَّيفِ الأُهبَةَ، أَخلِصُوا النِّيَّةَ وَأَصلِحُوا الطَّوِيَّةَ، فَقَد قَالَ نَبِيُّكُم - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - فِيمَا رَوَاهُ الإِمَامُ مُسلِمٌ: " إِنَّ اللهَ لا يَنظَرُ إِلى صُوَرِكُم وَلا أَموَالِكُم، وَلَكِنْ يَنظُرُ إِلى قُلُوبِكُم وَأَعمَالِكُم " فَهَيَّا بِنَا - عِبَادَ اللهِ - جَمِيعًا بِلا استِثنَاءٍ، لِنُصلِحِ القُلُوبَ وَلْنُطَهِّرِ الأَفئِدَةَ، وَلْنُزِلْ مَا في الصُّدُورِ وَلْنُزَكِّ النُّفُوسَ، فَ-"قَد أَفلَحَ مَن زَكَّاهَا. وَقَد خَابَ مَن دَسَّاهَا " لِنَجتَثَّ أَيَّ نَابِتَةٍ مِن شِركٍ أَو رِيَاءٍ أَو شَكٍّ، وَلْنَطرُدْ أَيَّ دَخِيلٍ مِن شَحنَاءَ أَو حَسَدٍ أَو بَغضَاءَ، فَقَبِيحٌ بِنَا وَقَد أَقبَلَ شَهرُ الخَيرِ وَدَنَا مَوسِمُ البِرِّ، وَجَاءَ شَهرُ القُرآنِ وَالغُفرَانِ وَالإِحسَانِ، أَن نَرفَعَ أَعمَالاً صَالِحَةً في أَوعِيَةٍ فَاسِدَةٍ، فَوَاللهِ لَو أَرَادَ أَحَدُنَا أَن يُقَدِّمَ طَعَامًا لأَقَلِّ ضُيُوفِهِ قَدرًا، لاستَحيَا أَن يُقَدِّمَهُ في قَدَحٍ دَنِسٍ، فَكَيفَ - وَللهِ المَثَلُ الأَعلَى - نُقَدِّمُ لِرَبِّنَا وَخَالِقِنَا أَعمَالاً ظَاهِرُهَا الصَّلاحُ وَالنَّقَاءُ وَالصَّفَاءُ، في قُلُوبٍ دَاخَلَتهَا الأَدوَاءُ وَالأَهوَاءُ، وَأَفئِدَةٍ أفسَدَتهَا الشَّحنَاءُ وَالبَغضَاءُ؟! أَمَا يَستَحيِي أَحَدُنَا أَن يَدخُلَ عَلَيهِ رَمَضَانُ وَهُوَ عَاقٌّ أَو قَاطِعٌ أَو مُشَاحِنٌ، أَو مُصِرٌّ عَلَى تَنَاوُلِ الحَرَامِ غَارِقٌ في المُشتَبِهِ، يَسمَعُ قَولَ مَولاهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالى -: ﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 22].

وَقَولَ النَّاصِحِ الحَبِيبِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - فِيمَا رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ: " تُفتَحُ أَبوَابُ الجَنَّةِ يَومَ الاثنِينِ وَيَومَ الخَمِيسِ، فَيُغفَرُ لِكُلِّ عَبدٍ لا يُشرِكُ بِاللهِ شَيئًا إِلاَّ رَجُلاً كَانَت بَينَهُ وَبَينَ أَخِيهِ شَحنَاءُ فَيُقَالُ: أَنظِرُوا هَذَينِ حَتى يَصطَلِحَا " وَقَولَهُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - فِيمَا رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ: "لا يَقبَلُ اللهُ صَلاةً بِغَيرِ طُهُورٍ وَلا صَدَقَةً مِن غُلُولٍ" وَقَولَهُ فِيمَا رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَغَيرُهُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ: " اُدعُوا اللهَ وَأَنتُم مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاعلَمُوا أَنَّ اللهَ لا يَستَجِيبُ دُعَاءً مِن قَلبٍ غَافِلٍ لاهٍ " ثُمَّ مَعَ ذَلِكَ يُصِرُّ عَلَى القَطِيعَةِ مُستَكبِرًا، وَيَمضِي مُدبِرًا، وَقَد يَتَسَاءَلُ في نَفسِهِ مُستَنكِرًا: لماذَا لا أُعَانُ عَلَى صَالِحِ العَمَلِ وَلا أَجِدُ لَهُ حَلاوَةً كَمَا يَجِدُهَا الأَبرَارُ؟! وَلماذا يَثقُلُ عَلَيَّ البَذلُ وَالعَطَاءُ وَلا يُجَابُ لي سُؤلٌ وَلا دُعَاءٌ؟! وَيَنسَى أَنَّهُ لَو أَقبَلَ عَلَى رَبِّهِ بِصِدقٍ وَحَرِصَ عَلَى تَنَاوُلِ الحَلالِ لَذَكَرَهُ اللهُ، وَلَكِنَّهُ أَصَرَّ عَلَى أَن يَكُونَ مِن قَومٍ " نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُم، وَأَعرَضُوا " فَأَنسَاهُم أَنفُسَهُم " عَن أَبي وَاقِدٍ اللَّيثِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بَينَمَا هُوَ جَالِسٌ في المَسجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ إِذْ أَقبَلَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ، فَأَقبَلَ اثنَانِ إِلى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَذَهَبَ وَاحِدٌ، فَلَمَّا وَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- سَلَّمَا، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرجَةً في الحَلَقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا، وَأَمَّا الآخَرُ فَجَلَسَ خَلفَهُم، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَدبَرَ ذَاهِبًا، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: " أَلا أُخبِرُكُم عَنِ النَّفَرِ الثَّلاثَةِ؟ أَمَّا أَحَدُهُم فَأَوَى إِلى اللهِ فَآوَاهُ اللهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاستَحيَا فَاستَحيَا اللهُ مِنهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعرَضَ فَأَعرَضَ اللهُ عَنهُ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْنُقبِلْ عَلَيهِ بِصِدقٍ وَإِخلاٍص وَيَقِينٍ، وَلْنُصلِحِ القُلُوبَ وَلْنَتَسَامَحْ وَلْنَتَصَالَحْ، لِنَتَقَدَّمْ رَمَضَانَ بِكَثرَةِ الاستِغفَارِ وَدُعَاءِ اللهِ بِبُلُوغِهِ وَالتَّوفِيقِ فِيهِ، وَلْنَشرَعْ في جَمعِ الحَسَنَاتِ وَتَنوِيعِ الصَّالِحَاتِ مُبَكِّرِينَ، وَإِذَا فُتِحَت أَبوَابُ الخَيرِ فَلْنَدخُلْ مُسَارِعِينَ وَلْنَبذُلْ، وَلْنُعِدَّ لإِطعَامِ الطَّعَامِ وَتَفطِيرِ الصُّوَّامِ، وَلْنَحذَرِ الإِعرَاضَ وَالصُّدُودَ وَالمَوَانِعَ وَالقَوَاطِعَ ﴿ يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ * مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [غافر: 39، 40]

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ -تعالى- حَقَّ التَّقوَى، وَتَمَسَّكُوا مِنَ الإِسلامِ بِالعُروَةِ الوُثقَى ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، يُقبِلُ عَلَينَا رَمَضَانُ هَذَا العَامَ، وَقَد مَرَّت بِالأُمَّةِ أَحدَاثٌ جِسَامٌ، وتَكَالَبَ عَلَيهَا الأَعدَاءُ وَاستَمَاتُوا في حَربِهَا، في كَيدٍ عَظِيمٍ وَمَكرٍ كُبَّارٍ، تُحَاكُ خُيُوطُهُ وَتُنسَجُ بِاللَّيلِ وَالنَّهَارِ، مِن قِبَلِ قُوًى سِيَاسِيَّةٍ فَاجِرَةٍ، وَوَسَائِلَ إِعلامِيَّةٍ مَاكِرَةٍ، في خِيَانَاتٍ دَاخِلِيَّةٍ وَتَدَخُّلاتٍ خَارِجِيَّةٍ، وَتَآمُرٍ وَزَرعِ فِتَنٍ، وَإِلقَاءِ دَسَائِسَ وَإِيغَالٍ في التَّحرِيشِ، وَاستِمَاتَةٍ في نَزعِ التَّدَيُّنِ مِنَ القُلُوبِ وَتَغيِيبِ الشَّرعِ عَنِ الوَاقِعِ، وَكُلُّ هَذَا يُحَتِّمُ عَلَينَا - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - أَن نَعُودَ إِلى رَبِّنَا وَنُقبِلَ عَلَى مَولانَا، وَنُجَاهِدَ أَنفُسَنَا تَمهِيدًا لِجِهَادِ أَعدَائِنَا، وَأَن نَعلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَ الأُمَّةَ لم يَكُنْ إِلاَّ بِسَبَبٍ مِن دَاخِلِهَا أَوَّلاً، فَلْنَحذَرِ المَعَاصِيَ وَالذُّنُوبَ، فَإِنَّهَا سَالِبَةُ النِّعَمِ وَجَالِبَةُ النِّقَمِ، وَمُخَرِّبَةُ الدِّيَارِ وَقَاصِمَةُ الأَعمَارِ وَمَاحِيَةُ الآثَارِ.

يَا صَاحِبَ الذَّنبِ لا تَأمَنْ عَوَاقِبَهُ
عَوَاقِبُ الذَّنبِ تُخشَى وَهِيَ تُنتَظَرُ
فَكُلُّ نَفسٍ سَتُجزَى بِالَّذِي كَسَبَت
وَلَيسَ لِلخَلقِ مِن دِيَّانِهِم وَزَرُ


فَيَا مَن طَالَت غَيبَتُهُ عَن رَبِّهِ وَامتَدَّ صُدُودُهُ، هَا قَد قَرُبَت أَيَّامُ المُصَالَحَةِ، وَيَا مَن تَكَرَّرَت خَسَارَتُهُ، هَا قَد أَقبَلَت أَيَّامُ التِّجَارَةِ الرَّابِحَةِ.

أَتَى رَمَضَانُ مَزرَعَةُ العِبَادِ
لِتَطهِيرِ القُلُوبِ مِنَ الفَسَادِ
فَأَدِّ حُقُوقَهُ قَولاً وَفِعلاً
وَزَادُكَ فَاتِّخِذْهُ لِلمَعَادِ
فَمَن زَرَعَ الحُبُوبَ وَمَا سَقَاهَا
تَأَوَّهَ نَادِمًا يَومَ الحَصَادِ


اللَّهُمَّ بَلِّغْنَا رَمَضَانَ، اللَّهُمَّ بَلِّغْنَا رَمَضَانَ، اللَّهُمَّ بَلِّغْنَا رَمَضَانَ، اللَّهُمَّ وَأَعِنَّا فِيهِ عَلَى ذِكرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبَادَتِكَ.


 
 توقيع : نور



رد مع اقتباس