هناك ألقابٌ وأسماءٌ لأهل السُّنة والجماعة يُعْرَفون بها، ويُفارِقون بها أهلَ البدع والفُرقة، ويتميَّزون بها عنهم، ومع ذلك فإنَّ أهل السنة والجماعة ليس لهم اسمٌ يُعرَفون به، ولا لقبٌ،
هناك ألقابٌ وأسماءٌ لأهل السُّنة والجماعة يُعْرَفون بها، ويُفارِقون بها أهلَ البدع والفُرقة، ويتميَّزون بها عنهم، ومع ذلك فإنَّ أهل السنة والجماعة ليس لهم اسمٌ يُعرَفون به، ولا لقبٌ، ولا رمزٌ يُميِّزهم عن غيرِهم إلاَّ الإسلام وما دلَّ عليه، بل لا ينتمون لأيِّ شخص مهما علت رتبتُه، ويجعلون قدوتهم في كلِّ شؤونهم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم[1].
ولقد حذَّر السلف من التسمي بأسماء غير اسم الإسلام، وشددوا النكير في ذلك؛ فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - (ت: 68هـ) قال: " من أقر باسم من هذه الأسماء المحدثة فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه"[2].
وقد ورد عنه - رضي الله عنه - أيضًا -أنه قال: قال لي معاوية - رحمة الله عليه - أنت على ملة عليّ - رحمة الله عليه؟ قلت: لا، ولا على ملة عثمان، أنا على ملة رسول الله - صلى الله عليه وسلم"[3].
وفي نحو ذلك يقول الإمام مالك (ت: 179هـ) - رحمه الله -: "أهل السنة الذين ليس لهم لقب يعرفون به، لا جهمي، ولا قدري، ولا رافضي"[4].
ويقول - رحمه الله - أيضًا - عن السنة:
هي ما لا اسم له غير السنة، وتلا قوله تعالى: ï´؟ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ï´¾ [الأنعام: 153][5]، وبهذا يتبين أن أهل السنة ليس لهم أي اسم سوى السنة أو ما يدل على معناها.
"يعني أن أهل السنة ليس لهم اسم ينتسبون إليه سوى السنة، خلافًا لأهل البدع؛ فإنهم تارة ينسبون إلى مقالتهم المبتدعة كالقدرية والمرجئة، وتارة إلى القائل كالجهمية والنجارية، وتارة إلى الفعل كالروافض والخوارج، وأهل السنة بريؤون من هذه النسب كلها، وإنما نسبتهم إلى الحديث والسنة".[6].
يقول مالك بن مغول البجلي (ت: 158هـ) - رحمه الله -: "إذا تسمَّى الرجلُ بغير الإسلام والسُّنة؛ فأَلْحِقْه بأيِّ دِينٍ شِئت"[7].
وأما عن الانتماء والانتساب لمسميات لا أصل لها في الشرع، ولم يدرج عليها السلف، ولم تُعرف وتؤثر وتنقل عنهم، فلابد من طرحها والانتماء للإسلام والسنة وما درج عليه سلف الأمة، وفي نحو ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية (ت: 728هـ) - رحمه الله -:
"هذه أسماءٌ باطلة ما أنزل الله بها من سلطان، وليس في كتاب الله ولا سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولا في الآثار المعروفة عن سلف الأئمة، والواجب على المسلم إذا سُئل عن ذلك يقول: أنا مسلمٌ مُتَّبِع لكتاب الله، وسنة رسوله... واللهُ تعالى قد سمَّانا في القرآن المسلمين، المؤمنين، عباد الله، فلا نعدل عن الأسماء التي سمَّانا الله بها إلى أسماءٍ أحدَثَها قوم، وسمَّوها هم وآباؤهم، ما أنزل الله بها من سلطان"[8].