يذكر بعضُ الحذّاق من المعاصرين أنّ كاف التشبيه هي ثمرة من ثمرات بِلَى الألفاظ وتآكلها. وهذا معناه أنّها في الأصل على غير حرف واحد، وهذا يمشي مع ما هو أصل
يذكر بعضُ الحذّاق من المعاصرين أنّ كاف التشبيه هي ثمرة من ثمرات بِلَى الألفاظ وتآكلها.
وهذا معناه أنّها في الأصل على غير حرف واحد، وهذا يمشي مع ما هو أصل في لغة العرب من مجيء الكلمات على ثلاثة أحرف، حرف يبتدأ به وحرف يوقف عليه وحرف يُحشى به، ومن المعلوم أنّ الثلاثي هو الأكثر في اللغة أوزانا وألفاظا.
وقد وجد هؤلاء الحذاق ذلك الأصل الثلاثيّ وهو كلمة (كَيْف) ذلك أنّ بعض العامّيات المعاصرة في الصعيد المصري احتفظت بكيف مرادًا بها التشبيهُ فتكون هي الكلمة التي تآكلت بِنيتُها حتى آلت إلى كاف التشبيه.
يقول المتكلمون بهذه اللهجات: هذا الشيء كيف هذا، أي: مِثْلُه، ويُشْبِهُهُ.
ولقد سمعت بنفسي جزائريا اتصل بقناة المستقلة يقول عن المصريين والجزائريين بعد مباراة كرة قدم شهيرة تركت في نفوس الشعبين أثرًا سيِّئًا صعّده الإعلاميون التافهون كثيرًا، قال هذا الجزائري الكريم: إنهم (كيف كيف) - يقصد الشعبين - ويقصد أنهم واحد متماثلون وإخوان عربٌ لا ميزة لأَحَدِهما على الآخر.
وكان أول من سمعته يذكر هذا الأمر هو أستاذنا الدكتور خليل محمود عساكر رحمه الله في التسعينات الهجرية بعد الألف وثلاثمئة.
ثم وجدت أنّ الأمر جاء له ذكرٌ في وقائع نقاشٍ دارَ في (الجلسة الخامسة عشرة للمجمع اللغوي العربي بالقاهرة وذلك في العام 1949)، وكان ذلك بعد أنْ تلا أستاذُنا الدكتور خليل عساكر (الذي كان خبيرا بلجنة اللهجات آنذاك) تقريراً قدّمه إلى لجنةٍ بحثت موضوعَ الأطلسِ اللغوي الذي كان قد أعدّه أستاذنا، رحمه الله، وهو نوع من الخريطة للهجات المحكية في المنطقة العربية على غِرار ما فعل (فِنْكِر في ألمانيا وجيلبيرون في فرنسا)؛ اللذان قام كل منهما برسم أطلس للّهجات العامية المحكيّة في بلاده في بداية القرن العشرين